[right][color=red][color=red]الغنـــاء مـزمـار الشيطـان
[size=24]الغناء مرض شهوة تنتاب القلوب ، فيسقيها الغناء بمائه الآسن حتى يروّي عروقها بالمرض فينسى مع ذلك معالم الحياة الكريمة . ويعيش ألم جحيم المعصية ، ويستمر صدى الجحيم حتى يرحل من هذه الحياة وهو يئن
من أثر وعواقب ذلك المرض المشين .
أخي: لقد جاء التحذير من الغناء في كتاب الله تعالى في أكثر من آية ، قال الله تعالى : ( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزواً أولئك لهم عذاب مهين ) وقد فسر هذه الآية بالغناء حبر الأمة ابن عباس ، وابن مسعود ، ومجاهد ، وعلى ذلك أكثر المفسرين . وهو المراد في قول الله تعالى : {وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُوراً }الإسراء64 وفي البخاري معلقاً بصيغة الجزم من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف . وفي حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه وسلم : يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ ، قيل يارسول الله متى ؟ قال : إذا ظهرت المعازف والقينات واستحلت الخمرة . وجماهير أهل العلم رحمهم الله تعالى على تحريم سماعه . قال ابن القيم رحمه الله تعالى : ولا ينبغي لمن شم رائحة العلم أن يتوقف في تحريم ذلك فأقل ما فيه أنه من شعار الفسّاق وشاربي الخمور .
أخي: الغناء عافانا الله وإياك سبب من أسباب سوء الخاتمة ، ودليل ذلك تلك القصص التي ترويها الأحداث في طيات الأيام ، فتكتب بها معالم من معالم الحسرة والشقوة في حياة من شهدها . وكم هم أولئك الذين عكفوا على سماعه ؟ وأدمنوا ذلك في حياتهم اليومية ؟ فكان بلاؤهم أن استحوذ عليهم حتى رحلوا وهم يرددونه ، وسيبعثون يوم القيامة على ما ماتوا عليه ، فيالله أي نهاية تلك التي رحلوا بها ؟ وأي خسارة تلك التي يعيشونها هناك ؟ وصدق ابن القيم حين قال : ومن عقوبات المعاصي : أنها تخون العبد أحوج ما يكون إلى نفسه ... وثمّ أمر أخوف من ذلك وأدهى منه وأمرّ وهو أن يخونه قلبه ولسانه عند الاحتضار والانتقال إلى الله ، فربما تعذّر عليه النطق بالشهادة ، قيل لبعضهم : قل لا إله إلا الله !
فجعل يهذي بالغناء حتى قضى . .
أخي: إن الفرص تمر في حياة الإنسان كثيراً ، والعاقل الحصيف من انتبه لها وتشبّث بها ، وعاشها على أنها فرصة العمر الوحيدة في حياته . وأكتب لك اليوم هذه الرسالة وأنت تعيش أعظم فرصة في حياتك ، فرصة شهودك لشهر رمضان الكريم جعلني الله وإياك ممن عمره بطاعة الله ورضوانه .
أخي : هاهو رمضان يلقاك بعد أن حرم منه غيرك ، تشهد نهاره بسمته ، وليله بنسماته وآخران من أهلك وصحبك يلقيانه غير لقائك ، أما الأول فمريض مقعد لا يعرف من رمضان إلا أهازيج الناس لكنه لا يملك التعبير عن فرحته معهم . وأما الثاني فقد واراه التراب ، وهو في طيات الحفر يتمنى لقاءه . قد حيل بينه وبين أمنياتك ،
فيالله كم بين هذه المشاهد من أحوال وذكريات .
أخي : إن سماع الغناء ذلة ومقت بإمكانك أن تستبدل ذلك بعز ورفعه ، وحقارة ودناءة بإمكانك أن تجعلها إباء ومنعه ، ومرض وشهوة ، وخيارك بيدك أن تحولها إلى عفة وصحة . كل ذلك يمكن أن يكون حين يحل القرآن كتاب الله تعالى
محل الغناء رقية الزنا عافانا الله وإياك .
أخي: الأمر أيسر مما تصوّر ، وليس بينك وبين السعادة إلا قرار صادق ، وعزيمة جادة ، وهمة تتحطّم عليها ذلة الشهوات ، وحين تكون كذلك سيكون رمضان في حقك هذا العام رمضان الانتصارات .
أخي: هيا ، ضع يدك في يدي ، هيا قم إلى المعالي ، هيا نصعد جبال العـز ، هيا نكتب حياتنا بوحي القرآن ، هيا نسير في ركب الأشعري أبي موسى وقـد سرى ليلة كأنما أوتي مزماراً من مزامير آل داود ، هيا نعيش على القرآن في نسمات الليل ، هيا نصدح بقرارنا في التنازل عن الشهوة ، والصبر عن المعصية ، نعلنها مدوية أمام كل الأصدقاء ،
هيا نقول لهم كفى إتباع للشيطان .
أخي: هذه رسالتي بين يديك ، لا أطلب فيها سوى عزك ، ومجدك ، أريدك أن تسايرني في طريق المعالي ، أريدك رفيقاً صادقاً ، أريدك صاحب قرار ، فهل تجسر على مرافقتي ؟ دعني أقول لك : فكّر في رضاء ربك ورضاء الشيطان . فكّر وقارن أي الطريقين أسعد لك . تأمّل قبل أن تتخذ قرارك كم هو حب الله لك حين تختار طريق التوبة ؟ تحدث عن نفسك وأنت أسير أغنية ماجنة ، يروّج لها عدوك ، وتحدّث عن نفسك وأنت عبداً لخالقك ، وشيخاً عزيزاً بطاعتك . وحين تختار طريق العبودية أرجوك أن تبشرني ، تدري لماذا ؟ أريد أن أحتفل معك ، أريد أن ابتهج بك ، أريدك أن ترافقني إلى عالم السعادة .
أريد أخـاً مثلك قرّر بمفرده أن يكون عابداً ربانياً .
[/size][/right]
[/color][/color]